للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى أن الصلاة في السر أقرب إلى الإخلاص في العبودية، فإذا صلى العبد في السر كانت طاعة خالصة محضة، بها يحصل حقيقة الشكر المستوجب للزيادة، والزيادة من الإخلاص، فخلص من النفاق.

ثم نظير ذلك في امتحان نفسك في الإخلاص أن تنظر إلى ما بين حالك في الملأ، وحالك في الخلاء من اختلاف صلاتك وسائر عباداتك؛ إن أديتها في السر أحسن منها في العلانية، أو مثلها فأنت مخلص، وإلا فمُراءٍ ومستهزئ كما روى أبو يعلى عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَسَّنَ الصَّلاةَ حَيْثُ يَراهُ النَّاسُ وَأَساءَها مِنْ حَيْثُ يَخْلُو، فَتِلْكَ اسْتِهانة اسْتَهانَ بِها رَبهِ" (١).

وليس وراء الاستهانة بأمر الله تعالى نفاقٌ، كما ليس مثل تعظيم الله تعالى وتعظيم أمره إيمانٌ.

* تنبِيهٌ ثانٍ:

على ذكر قوله تعالى: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: ١٤٢] روى أبو الشيخ، وابن عساكر عن جابر - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ في خَلاءٍ لا يَراهُ إِلاَّ اللهُ وَالْمَلائِكَةُ كانَتْ لَهُ بَراءَة مِنَ النَّارِ" (٢).


(١) رواه أبو يعلى في "المسند" (٥١١٧)، وكذا عبد الرزاق في "المصنف" (٣٧٣٨). قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (٧/ ٣٢٥): فيه إبراهيم بن مسلم الهجري، ضعف.
(٢) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٤٣/ ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>