الدينوري عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى قال: لما أرسل الله تعالى الريح على عاد اعتزل هود عليه السلام ومن معه من المؤمنين في حظيرة، ما يصيبهم من الريح إلا ما تلين به جلودهم وتلتذه الأنفس، وإنها لتمر بالعادي فتحمله بين السماء والأرض، وتدمغه بالحجارة (١).
وكذلك نجَّا قوم يونس بالإيمان والتوبة عند رؤية الآية التي أنذرهم بها عليه السلام كما قال الله تعالى:{فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}[يونس: ٩٨].
فإن أصر وتمادى في الضلال والعتو والعناد فقد هلك مع الهالكين، كما هلك قوم نوح وقوم هود في قرون آخرين.
* تَتِمَّةٌ:
من لطائف الآثار ما رواه الخِلَعِي في "فوائده" عن الهيثم بن عدي قال: أتي الحجاج بن يوسف برجل من الخوارج، فدخل عليه والحجاج يتغدى، فجعل الخارجي ينظر إلى حيطانه وما قد نجد، فجعل يقول: اللهم اهدم، اللهم اهدم، اللهم اهدم.
فقال له الحجاج: هيه! كأنك لا تدري ما يراد بك؟
فقال للحجاج: هيه! نزع الله ماضغيك، وما عليك لو دعوتني إلى طعامك؟ أما إن فيك ثلاث خصال مما نعت الله به عاداً؛ فقال: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩) وَإِذَا
(١) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ٤٨٤).