للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كلام صحيح، مقتضاه أن من أخذ من أموال الناس ظلماً، وأعطى آخرين منه، وإن أعطى الألوف، فليس من الجود في شيء؛ فإنه لم يَجُدْ بمال نفسه، بل بمال غيره، والتصرف في مال الغير بلا حق حرام؛ وإن غلط أهل الدنيا في إطلاق الكرم، والجود على فعله، وقالوا: فلان نهَّابٌ وَهَّابٌ.

* تَنْبِيْهٌ:

التبجح بالكرم، وقوله: سأكسوك، سأعطيك، وقوله لمن شكى إليه غرامة، أو نحوها: لا بأس عليك، تعال أعطيك، وأفعل معك، ونحو ذلك، ليس من الكرم في شيء حتى يفعله، بل سبق الفعل أولى من سبق القول، فإن قصر فعله عن قوله، كان ذلك شر أنواع البخل.

وأنشد المبرد لمسلم: [من الطويل]

لِسَانُكَ أَحْلَىْ مِنْ جَنَىْ النَّخْلِ مَوْعِداً ... وَكَفُّكَ بِالْمَعْرُوْفِ أَضيَقُ مِنْ قُفْلِ

تَمَنَّىْ الَّذِيْ يَأتِيْكَ حَتَّىْ إِذَا انْتهَى ... إِلَىْ أَمَدٍ ناَوَلْتَهُ طَرَفَ الْحَبْلِ (١)


(١) انظر: "عيون الأخبار" لابن قتيبة (ص: ٣٣٠)، و"المجالسة وجواهر العلم" للدينوري (ص: ٥٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>