للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الرضى بها لنفسه، والطمأنينة إلى نسبتها إليه، بخلافه في تلك الحالة؛ فإنه إن تشبه بهم على وجه التهكم والسخرية والإزراء فهو مُبَاين لهم في عين اتصافه بأوصافهم، غير راض نسبتها إليه - وإن تشبه بهم على وجه المناظرة والمعارضة -؛ فإنه لو لم يطمع بسبب اتصافه بأوصافهم، وتخلقه بأخلاقهم في التوصل بها إلى مباينتهم، ومضادتهم لم يكن طالباً لتلك الأوصاف، ولا مُعَرِّجًا عليها، وهذه أوقعت بين كثير من الأُستاذِيْن وتلامذتهم.

وبهذا يظهر الفرق بين التشبهين؛ أعني: التشبه الذي مبناه على العداوة والمعارضة، والتشبه الذي مبناه على المحبة والموافقة، وهذا التشبه الأخير هو الذي يصير المتشبه بقوم منهم؛ فإن من وافق قوماً، وأحبهم كان منهم ومعهم في الدنيا والآخرة، كما روى الطبراني في "معجمه الكبير"، والحافظ ضياء الدين المقدسي في "الأحاديث المختارة" عن أبي قرفاصة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَحَبَّ قَوْماً حَشَرَهُ اللهُ فِيْ زُمْرَتهِمْ" (١).

ورواه أبو نعيم في "جزء له"، ولفظه: "مَنْ أَحَبَّ قَوْماً وَوالاهُمْ حَشَرَهُ اللهُ فِيْهِمْ" (٢).


(١) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (٢٥١٩). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٢٨١): فيه من لم أعرفهم.
(٢) قال السخاوي في "المقاصد الحسنة" (ص: ٥٩٩): في سنده إسماعيل بن يحى التيمي ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>