قد ألهمني الله تعالى في وضع الملائكة أجنحتها لطالب العلم وللعالم: أن الملائكة رأت لطالب العلم والعالم عليها حقين:
الأول: أنه ولد أستاذها، ومعلمها؛ أعني: آدم عليه السَّلام.
الثاني: أنه أراد الاقتداء بأبيه، ومشابهته في التعلم والتعليم؛ فلذلك خصته بوضع الأجنحة له تواضعاً زيادة على ما هي عليه من المودة والشفقة على سائر المؤمنين من بني آدم كما تواضعت لأبيه آدم بالسُّجود.
وهذا من لطائف العلم.
وقال الأستاذ أبو القاسم القشيري رحمه الله تعالى في مؤلف جمع فيه كلام أبي علي الدقاق أستاذه: وسمعته يقول في معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَها لِطالِبِ الْعِلْمِ رِضًى بِمَا يَصْنَعُ"(١)، قال: أراد به التواضع على جهة التشريف كقوله: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ}[الشعراء: ٢١٥] وقوله: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ}[الإسراء: ٢٤].
قال: وقيل: على الحقيقة تضع أجنحتها لهم فيمشون عليها، ولا ندركها للطافة أجسامهم.
ويحتمل أنه أراد بها يوم القيامة يضعون أجنحتهم لطالب العلم، ويحملونهم إلى الجنة.
قال الله تعالى:{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}[مريم: ٨٥]؛ ركبانًا على أجنحة الملائكة.