للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحو ذلك دون الترقي في مدارج الكمال، وسائر الأطوار والأحوال. وقيل غير ذلك.

وكذلك تنزل توبة الملائكة على ما يليق بهم، فقد يكون توبة الملك حذراً من تقصير بفرض في وقت من الأوقات أو مخالفة لما هو من شأنهم من المداومة على الطَّاعة من غير فتور.

وقد روى الدينوري في "مجالسته" عن يوسف بن أسباط قال: سمعت الثوري يقول: بلغني أن الله تعالى يأمر الملك من الملائكة بالأمر فيقصر الطيران، فيقص جناحه، فلا يصعد إلى السَّماء إلى يوم القيامة (١).

وقد تكون توبة الملائكة من رؤية النفس، أو من سؤال عن وجه الحكمة كما في قولهم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ} [البقرة: ٣٠].

روى ابن جرير عن الحسن، وقتادة رحمهما الله تعالى قالا: لما أخذ الله في خلق آدم همست الملائكة فيما بينها، فقالوا: لن يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه، فلما خلقه أمرهم أن يسجدوا له لما قالوا، ففضله عليهم، فعلموا أنهم ليسوا بخير منه، فقالوا: إن لم نكن خيراً منه فنحن أعلم منه لأنا كنا قبله، {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣١)} [البقرة: ٣١]، فعُلِّمَ اسم كل شيء، [و] جعل يسمي كل شيء باسمه، وعرضوا عليه أمة أمة، ثم عرضهم على الملائكة فقال: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ


(١) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>