للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦٨ - ١٧٠] الآية؛ وفيه أمران:

الأول: أن بغض هذه الفاحشة من أخلاق الأنبياء عليهم السلام، بل هو من أخلاق الله تعالى لأن الله تعالى لعن فاعل ذلك ثلاثاً كما في الحديث السابق، وسماه فاحشة وخبيثة.

بل ينبغي لكل ذي طبع سليم بغض هذا العمل فاعليةً؛ لأنه عدول عن محل الحرث، وإلمام بمحل الأذى، ومفعوليةً لأنه على خلاف الحكمة، وعكس الوضع الإلهي لأن الله تعالى خلق الذكر للفاعلية، والأنثى للمفعولية، وإذا انبعث كل منهما لما خلق له الآخر فقد خالف الأمر، وعارض الحكمة.

فينبغي للعبد - وإن كان بغض كل معصية واجباً عليه - أن يكون لهذه المعصية أشد بغضًا ومقتًا وكراهية، وعنها أشد بعداً وإبعاداً ونفاراً؛ فإن هذا واجب على كل مسلم مكلف.

ثم يجب عليه بغض من فعله، أو عزم على فعله، وبُغض من أصر عليه، وأكب عليه أشد وجوباً.

وإنما قال لوط عليه السلام لقومه: {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (١٦٨)} [الشعراء: ١٦٨] إشارة إلى أن المعصية هي التي توجب بغض مرتكبها، ولم يصرح ببغضهم لأنه كان يستضعف نفسه عن مقاومتهم، فلو قال: إني لكم من القالين، أو: إني أبغضكم، فواجههم بالقلى والبغض، لقابلوه بالشتم وغيره؛ ألا ترى إلى جرأتهم عليه وقولهم له قبل ذلك: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَالُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (١٦٧)} [الشعراء: ١٦٧]، ولذلك قال: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>