النبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ}[الحديد: ١٩](١).
قلت: وهذا الحديث يحتمل وجهين:
الأول: أن يكون معنى قوله: "شهداء" أنهم شهداء للأنبياء عليهم السلام على أممهم بالتبليغ، كما قال تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}[البقرة: ١٤٣]؛ فإن الظاهر أن هذه الشهادة تكون يوم القيامة من عامة الأمة على وجه الاتفاق وإن كان من الأمة من هو ذو عصيان؛ لأنَّ إطباق أمة هي أعظم الأمم على الشهادة أبلغ في نصرة الأنبياء عليهم السلام في إثبات الحجة على الأمم.
وهي شهادة صحيحة مقبولة لأنها من لازم الإيمان, وقد وصفنا العاصي من هذه الأمة بالإيمان مع العصيان ما لم يكن مشركًا.
ويؤيد هذا الوجه: استشهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالآية، وقد قال تعالى فيها:{وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ}[الحديد: ١٩]؛ إذ الأحسن أن يكون الظرف متعلقًا بنفس الشهداء؛ أي: الذين يشهدون عند ربهم.
والوجه الثاني: أن يكون المراد أن مؤمني هذه الأمة في رتبة الشهداء من غير هذه الأمة، بل في رتبة الصديقين من غيرهم أيضًا.
وعليه يُحملُ ما أخرجه ابن المنذر عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، وعبد الرزاق عن مجاهد، وعبد بن حميد عنه، وعن عمرو بن ميمون: أنهم قالوا: