قال: يا أبت! مَكِّنِّي من العصا، فشجه شجة مُوضحة في رأسه، وسال الدم.
قال نوح: رب! قد ترى ما يفعل بي عبادك، فإن يك لك في عبادك خير فاهدهم، وإن يك غير هذا فصبِّرني إلى أن تحكم وأنت خير الحاكمين.
فأوحى الله تعالى إليه:{أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ}[هود: ٣٦]، فأخبره أنه لم يبق في أصلاب الرجال ولا في أرحام النساء مؤمن، فدعا عليهم (١).
وروى الإِمام أحمد في "الزهد" عن الحسن رحمه الله تعالى: أن نوحا عليه السلام لم يدع على قومه حتى نزلت عليه هذه الآية: {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[هود: ٣٦]، فانقطع رجاؤه عند ذلك منهم، فدعا عليهم عند ذلك.
وأوحى الله تعالى إلى نوح بعد أن دعا عليهم أن يصنع الفلك، فصنعه من يومئذ، وهيأه حتى فار التنور، فركب في الفلك، وحَمَل فيه من أمر الله تعالى بحملهم من مؤمن بني آدم ومن كل زوجين اثنين، وأغرق الله الباقين في الطوفان.
(١) انظر: "تفسير القرطبي" (٩/ ٤٣)، وروى طرفاً منه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٦٢/ ٢٤٨).