ومن هنا يجمع بين الآثار؛ فإن آدم عليه السلام أول من أرسل بالتوحيد وبعض الأحكام؛ كتحريم التوأمة على توأمها.
ثم إدريس أول من أرسل بالتلفظ بلا إله إلا اله بحيث لا يقبل التوحيد والطاعة إلا ممن تلفظ بها.
ونوح أول من أرسل بتحريم المحارم، وكانت المناكحة قبل سائغة لضرورة النسل، ثم لما كثر الناس حرمت المحارم.
وذكر القرطبي في تفسير سورة الأعراف: أن نوحا عليه السلام أول الرسل بعد آدم عليه السلام بتحريم البنات، والأخوات، والعمات، والخالات.
ولما بعث الله نوحا عليه السَّلام أخذ يأمرهم وينهاهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، يدعوهم إلى الله تعالى ليلًا ونهاراً، فلم يزدهم دعاؤه إلا فراراً، وكانوا يدخلون عليه فيخنقونه، ويضربونه في المجالس حتى يُغشى عليه، فإذا أفاق قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون، وكان يكلم الرجل منهم فيلف رأسه بثوبه، ويجعل أصبعيه في أذنيه لكيلا يسمع شيئًا من كلامه، وكان يضرب ويلف في لبد، ويلقى بيته يرون أنه قد مات، ثم يخرج فيدعوهم.
وجاءه رجل منهم ومعه ابنه وهو يتوكأ على عصا، فقال: يا بني!