للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأول أرجح (١).

ولا يخفى ما في هذه الآية الجليلة من الفوائد العظيمة المختصة بالصالحين من الاستخلاف في الأرض مع التمكين في الدين المرضي عند الله، ومن تبديلهم الأمن بعد الخوف، وهو شامل للأمن من الأعداء في الدنيا، ومن النار في الآخرة.

وكذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: ٦٢].

ثم الصالحون في هذا بخلاف غيرهم؛ فإن الفسقة والفجرة قد يستخلفون في الأرض، ويكون ذلك استدراجًا لهم واستزلالًا، ثم هم إن أمنوا من أعدائهم في الدنيا بسبب القوة والمنعة والتمكين على الوجه المذكور، أو على وجه تأييد الدين -وإن كانوا فجرة- كما روى الطبراني في "الكبير" عن عمرو بن مقرن رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ اللهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّيْنَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ" (٢).

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ اللهَ لَيُؤَيِّدُ الإِسْلامَ بِرِجالٍ ما هُمْ مِنْ أَهْلِهِ" (٣).

وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن


(١) انظر: "تفسير الطبري" (١٨/ ١٥٨)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٦٢٧).
(٢) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (١٧/ ٣٩).
(٣) كذا عزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٥/ ٣٠٢) إلى الطبراني، وقال: فيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>