للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الله تعالى: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة: ٢٢١].

وفي قوله: {وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} إشارة إلى أنه لا عبرة بالبزة الظاهرة، ولا الثروة الوافرة، بل بالإيمان القلبي، ويخشى على من زوج بنته برجل لبزته، أو ثروته، أو جاهه أن تكون عاقبته إلى خلاف مراده، كما تقدم نظيره في اختيار المرأة لمالها، أو جمالها، أو حسبها، ومن ثَمَّ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِيْنَهُ، وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوْهُ؛ إِلاَّ تَفْعَلُوْا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِيْ الأَرْضِ، وَفَسادٌ عَرِيْضٌ". رواه الترمذي، وابن ماجه، والحاكم وصححه، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (١).

وفي "صحيح البخاري" عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه قال: مر رجل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم -فقال: "ما تَقُوْلُوْنَ فِيْ هَذَا؟ " قالوا: حَرِيٌّ إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يسمع، قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال: "ما تَقُوْلُوْنَ فِيْ هَذَا؟ " قالوا: حَرِيٌّ إن خطب لا ينكح، وإن شفع لا يشفع، وإن قال لا يسمع، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "هَذا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلِ هَذَا" (٢).

أي: فهذا هو الذي ينبغي أن يرغب فيه، ويعتنى بشأنه، وكذلك أمثاله من المؤمنين وإن كانوا فقراء، بخلاف المترفين والفاسقين، وإن


(١) رواه الترمذي (١٠٨٤)، وابن ماجه (١٩٦٧)، والحاكم في "المستدرك" (٢٦٩٥).
(٢) رواه البخاري (٦٠٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>