{إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[النور: ٣٢]؛ الخطاب في الآية للأولياء والسادة.
قال صاحب "الكشاف": فإن قلت: لم خص الصالحين؟ قلت: ليحصن دينهم، ويحفظ عليهم صلاحهم، ولأن الصالحين من الأرقاء هم الذين مواليهم يشفقون عليهم، وينزلونهم منزلة الأولاد في الأثرة، والمودة، فكانوا مظنة التوصية بشأنهم، والاهتمام بهم، وتقبل الوصية فيهم، وأما المفسدون منهم فحالهم عند مواليهم على عكس ذلك.
قال: أو أريد بالصَّلاح القيام بحقوق النكاح (١). انتهى.
قلتُ: وعلى هذا الوجه فالصلاح في الآية عام؛ يعني: إرادة النكاح للتحصن، وإقامة الحقوق، أما من يدعى إلى التزوج وهو يرغب عنه لما شربه قلبه من محبة السفاح، والميل إليه، والنكاح في الغالب لا يعفه، وهو حال أكثر الناس في هذا الزمان، فكم من إنسان زوج ابنه، أو غلامه ليعف، فلم يعف!
فإن قلتَ: لم خص الصالحين من الأرقاء، وعمم في أيامى الأحرار -جمع أيِّم؛ وهو من لا زوج له من ذكر أو أنثى-؟
قلتُ: لأن التحصين في حق المولى الحر ضروري أضر منه في حق المولى العبد، وصلاح الحر يعينه عليه النكاح، فقد يتزوج الفاسق فيعف، والحر يرجع إلى صيانة نسبه، وحفظ حسبه، والحياء من عشيرته،