للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا علمت أن الله تعالى قد يجري على لسان بعض عباده الصالحين ما لم يجر على لسان غيره من الدعاء والاستعاذة؛ فإذا سألت الله من خير ما سأله منه عباده الصالحون، واستعذت من شر ما استعاذ منه عباده الصالحون؛ فقد توصلت بذلك إلى طلب خير كثير، والتعوذ من شر كثير.

ومن هذا القبيل في التوصل إلى طلب جوامع الخير، والعياذ من جوامع الشر: ما رواه ابن أبي شيبة، وابن ماجه عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علمها هذا الدعاء: "اللَّهُمَّ إِنَّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عاجِلِهِ وَآجلِهِ، ما عَلِمْتُ مِنْهُ وَما لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عاجِلِهِ وَآجِلِهِ، ما عَلِمْتُ مِنْهُ وَما لَمْ أَعْلَمْ.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ ما سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنبِيُّكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما عاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنبِيُّكَ.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَما قَرَّبَ إِلَيْها مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَما قَرَّبَ إِلَيْها مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيراً" (١).

وقوله "ما سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنبِيُّكَ" فيه وجهان:

الأول: أن المراد به النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو المتبادر.

والثاني: أن المراد به جنس العباد والأنبياء؛ لأن الجنس إذا أضيف إلى معرفةٍ شَمَلَ كل فرد منه، والمراد خواص العباد والمضافين إلى الله


(١) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٩٣٤٥)، وابن ماجه (٣٨٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>