للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خير، وليس نحب الصالحين (١).

فانظر كيف رد أبو سليمان السبب في ذلك إلى نفسه وإلى صاحبه تهذيباً وتأديباً، واتهاماً للنفس، ولم يحكم على ذَينِكَ بأن السبب من قِبَلِهما؛ أين هذا ممن يقع في الصالحين، وكيف ممن يؤذيهم؟ وقد سبق التحذير من أذيتهم.

وذكر ابن خلكان في "تاريخه": أن مرض الحَجَّاج الذي مات فيه كان بالآكلة؛ وقعت في بطنه، ودعا بالطبيب لينظر إليها، فأخذ لحماً وعلقه في خيط، وسرَّحه في حلقه، وتركه ساعة، ثم أخرجه وقد لصق به دُودٌ كثير.

قال: وسلط الله عليه الزمهرير، فكانت الكوانين تجعل حوله مملوءةً ناراً، وتدنى منه حتى تحرِق جلدَه وهو لا يحس بها.

قال: وشكا ما يجده إلى الحسن البصري رحمه الله تعالى، فقال له: قد نهيتك أن تتعرض للصالحين فلججت.

فقال له: يا حسن! لا أسألك أن تسأل الله أن يفرج عني، ولكني أسألك أن تسأله أن يعجل قبض روحي، ولا يطيل عذابي.

فبكى الحسن بكاءً شديداً، وأقام الحَجَّاج على هذه الحالة [بهذه العلة] خمسة عشر يوماً، ومات (٢).


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٩/ ٢٦٢).
(٢) انظر: "وفيات الأعيان" لابن خلكان (٢/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>