للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الليل على فراشي، وأتدبر القرآن، فأعرض نفسي على أعمال أهل الجنة، فإذا أعمالهم شديدة: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: ١٧]، {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: ٦٤]، {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا} [الزمر: ٩]، فلا أراني منهم.

فأعرض نفسي على هذه الآية: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} إلى قوله: {نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} [القمر: ٤٢ - ٤٦] فأرى القوم مكذبين، فلا أراني فيهم.

فأمرُّ بهذه الآية: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: ١٠٢]، وأرجو أن كون أنا وأنتم يا إخوتاه منهم (١).

قلت: لقد مر في بعض مجالسي من نحو عشرين سنة أني دعوت الله تعالى، فقلت: اللهم اجعلنا من الصالحين، فإن لم تجعلنا من الصالحين فاجعلنا من المخلطين الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، أو ما هذا معناه، فبعد انقضاء المجلس اعترض علي بعض السامعين، فقال: يا سيدي! كيف تدعو الله أن يجعلنا من المخلطين والمعصية مقررة فيهم؟

قلت: سبحان الله تعالى! والعمل الصالح مقرر فيهم أيضاً، وهو أولى أن يكون من المصرين، فإن لم يكن وابل فَطَلٌّ.

ثم وقفت على كلام مطرف هذا، فحمدت الله على موافقته.


(١) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (٧١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>