للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما سكتت بقيتهم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ} [هود: ١١٦]، فلذلك حق عليهم العذاب.

ثم قال: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: ١١٧].

فإن قلتَ: كيف يجتمع الإصلاح مع الظلم؟

قلتُ: يكون الظلم من عامتهم والإصلاح من خاصتهم، وإنما قال: {وَأَهْلُهَا} [هود: ١١٧]؛ أي: معظمهم، أو خاصتهم.

كان الاعتبار بأهل الصلاح والإصلاح -وإن كانوا بعضاً منهم- فإنهم يقومون مقام الكل، ولذلك أطلق عليهم قوله: {وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: ١١٧]؛ كأنهم هم أهلها دون من سواهم، فإذا ترك خاصتهم الإصلاح عَمَّ الفساد، فكان الهلاك.

وروى ابن أبي حاتم، والخرائطي عن جرير رضي الله تعالى عنه - موقوفاً عليه - والطبراني عنه - مرفوعاً - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُسأل عن تفسير هذه الآية: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: ١١٧]، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وَأَهْلُها يُنْصِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضَا" (١).


(١) رواه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (٢/ ١٥٢)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٢٢٨١) موقوفاً.=

<<  <  ج: ص:  >  >>