للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروى الديلمي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " مَنْ ساءَتْهُ خَطِيئَتُهُ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْفِرْ" (١).

قلت: ووجه ذلك أن العبد إذا كره الخطيئة وسيء بها، كانت كراهته لها حسنة، والحسنة تكفر الخطيئة من الصغائر.

وأيضاً فإن ما يدخل عليه من السوء بسبب الخطيئة مصيبة، والمصيبة مكفرة أيضاً.

فإن استغفر فالاستغفار مكفر ثالث.

وهذا حال الصالحين؛ إذا أذنب أحدهم قامت قيامته، وعظمت مصيبته، وضاقت نفسه، وضاقت عليه الأرض بما رحبت كما وصف الله تعالى بذلك الثلاثة الذين خلفهم عن المتخلفين عن تبوك؛ فإنه لما رجع جاء إليه من تخلف عنه، وكانوا بضعاً وثمانين رجلاً، فاعتذروا فقبل عذرهم؛ إلا ما كان من كعب بن مالك، ومرارة بن ربيعة، وهلال بن أمية الواقفي رضي الله تعالى عنهم؛ فإنهم أقروا بأنهم تخلفوا عنه بغير عذر، وأقروا بذنوبهم، وصدقوا في ترك الاعتذار، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهجرهم، فمكثوا خمسين يوما حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وحزنوا لذنوبهم (٢)، فأنزل الله تعالى فيهم، فقال: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى


(١) رواه الديلمي في " مسند الفردوس " (٥٧٥٣) عن أنس - رضي الله عنه -.
ورواه عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - الطبراني في " المعجم الأوسط " (٤٤٧٢).
وضعف العراقي إسناده في "تخريج أحاديث الإحياء" (١/ ٢٧١).
(٢) في "أ": " لذنبهم "، والمثبت من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>