للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي رواية: لم نر أهل الخير في شيء أكذب منهم في الحديث.

قال مسلم: يقول: يجري الكذب على ألسنتهم، ولا يتعمدون الكذب (١).

قال النووي: وذلك لكونهم لا يعانون صناعة الحديث، فيقع الخطأ في رواياتهم ولا يعرفونه، ويروون الكذب ولا يعلمون أنه كذب.

ومذهب أهل الحق أن الكذب هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو؛ عمداً كان، أو سهواً، أو غلطاً، انتهى (٢).

قلت: ليس كلام يحيى بن سعيد شاملاً لكل صالح وكل من كان من أهل الخير؛ بل أراد من غلب عليه الصلاح وعمل الخير حتى لم يشتغل بإتقان صناعة الحديث ومعرفة صحيحه من سقيمه منهم، ولم يطعن ذلك في صلاحه.

وثَمَّ طائفة أخرى بارعون في الحديث، ثقات فيه، مبرزون في العمل الصالح والانقطاع إلى الله تعالى، فهم أكمل منهم صلاحاً كالحسن، وابن سيرين، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، ومالك ابن دينار، والفضيل، وسفيان الثوري، ومِسْعر، وأحمد بن حنبل؛ في خلائق لا يحصون طبقة بعد طبقة.

وفي معنى كلام ابن سعيد ما رواه مسلم أيضاً عن أبي الزناد قال:


(١) انظر: "مقدمة صحيح مسلم" (١/ ١٨).
(٢) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١/ ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>