للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال له: كذبت، أنت تصلح.

فقال: قد حكمت لي على نفسك؛ كيف يحل لك أن تولي قاضياً على أمانتك وهو كذاب (١).

قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -: لا أصلح لذلك؛ يعني: القضاء؛ أي: لا أرى نفسي صالحاً له، ولا آمن على نفسي أن تستقيم في الرضا والغضب، وفيما لو توجه الحكم على الخليفة فمن دونه أو على حاشيته.

وهذه من آفات القضاء، ولذلك امتنع منه كثير من السلف الصالحين لاستضعاف أنفسهم عنه، وخوفهم من الفتنة فيه.

وقد روى الترمذي: أن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه قال لابن عمر: اذهب فاقض بين الناس.

قال: أوتعافيني يا أمير المؤمنين؟

قال: وما تكره من ذلك وقد كان أبوك يقضي؟

قال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ كانَ قاضِياً يَقْضِي بِالْحَقِّ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَنْقَلِبَ مِنْهُ كفافاً"؛ فما أرجو بعد ذلك (٢)؟

وفي رواية: فقال: لا أقضي بين رجلين.

قال: فإن أباك كان يقضي؟

قال: فإن أبي كان يقضي، فإن أشكل عليه شيء سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،


(١) ورواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (١٣/ ٣٢٨).
(٢) رواه الترمذي (١٣٢٢) وقال: غريب وليس إسناده عندي بمتصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>