هل المراد بالصالحين الذين عليهم حقوق أموالهم، ولا يمنعون إعطاء ما عليهم من الحق، وقد لا يعلمون استحقاق المستحق من غيره، فإذا عرفوا بسؤال المحتاج أعطوه مما عليهم؟
أو المراد: الصالحون الساعون في مصالح الخلق بسؤالهم لمن علموا استحقاقه ممن عليه حق، فيعطيهم أرباب الأموال لوثوقهم بصلاحهم؟
قال: وقد رأينا جماعة يكون قصدهم قضاء حوائج المحتاجين، وليس لهم أموال؛ يسألون أرباب الأموال لأهل الحاجات، انتهى.
قلت: لا شك أن الوجه الأول أقرب.
وعليه: فلا منافاة بين الصلاح والغنى كما تقدم.
ولكن أقرب منه أن يراد بالصالحين: الذين لا يبطلون صدقاتهم بالمن والأذى، وهم الذين قال الله تعالى فيهم:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}[البقرة: ٢٦٢].
بل من هؤلاء من يرون المنة للسائل عليهم، ويسابقون السائل بالعطاء، ولا يقولون له: لا، وكان بعضهم يقول للسائل: اكتب ما تحتاج إليه في مرة أخرى؛ فإني أكره أن أرى في وجهك ذُلَّ السؤال.
ومن شأن هؤلاء البشاشة والصباحة، وإجزال النوال، والسماحة، ولا يعبسون في وجهه، ولا يتبرمون من سؤاله، وهم حِسان الوجوه