الرياحين" في الحكاية الثالثة والعشرين بعد الأربعمئة عن بعض المشايخ قال: قال لي أبو بكر بن الشفق بطرسوس: إني سمعت من أبي الخير شيئاً لم يقبله قلبي منه.
قلت: وما هو؟
قال: ذكر أنه لقي عيسى بن مريم عليهما السلام.
قال: فقلت: أنا أحكي لك حكاية تصديقاً لأبي الخير: سمعت محمد بن حامد وقد ذكر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كَيفَ أَخافُ عَلى أُمَّةٍ أَنا أَوَّلُهُمْ وَعِيسى آخِرُهُمْ" (١)؟ فقال ابن حامد: إن عيسى ينزل ثلاث مرات؛ يظهر في أول مرة للأولياء، وفي الثانية للصلحاء، والثالثة ينزل ببيت المقدس فيراه الخاص والعام.
فقام ابن الشفق فدخل داره، فركب دابة وخرج علينا، فقلت له: أين تريد؟
فقال: إلى أبي الخير أستحله.
فقلت له: اجلس إلى الغد.
فقال: إني أخاف والله الموت.
فلما كان بعد أيام رجع إلى طرسوس، فدخلت إليه فقال: رجعت بأعجب مما مضيت فيه عما مضيت فيه، وذلك أني وصلت وقد صلى
(١) رواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (٢/ ٩٣) عن عبد الرحمن بن سمرة - رضي الله عنه -، ولفظه: "لن يخزي الله أمة أنا أولها والمسيح آخرها".