للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورويا عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! الرجل يحب القوم، ولم يلحق بهم؛ فقال: "الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ" (١).

وروى أبو داود عن أبي ذر - رضي الله عنه -: أنه قال: يا رسول الله! الرجل يحب القوم، ولا يستطيع أن يعمل بعملهم؟ قال: "أَنْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ"، فأعادها أبو ذر، فأعادها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

فهذه الأحاديث قاضية بأن المحبة تُلحق المُقَصِّرَ في الأعمال عن درجات المجتهدين لمحبته إياهم بهم، فما ظنك بمن بلغ من محبته لهم أن يتشبه بهم في الأعمال الصالحات، والاجتهاد في تحصيل الكمالات! !

فإن قلت: كيف يقول الحسن البصري رحمه الله تعالى مع هذه الأحاديث: يا ابن آدم! لا يغرنك قول من يقول: المرء مع من أحب؛ فإنك لن تلحق الأبرار إلا بأعمالهم؛ فإن اليهود والنصارى يحبون أنبيائهم، وليسوا معهم.

قال حجة الإسلام الغزالي: وهذه إشارة إلى أن مجرد ذلك من غير موافقة في بعض الأعمال أو كُلِّها لا ينفع.

وقال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى في بعض كلامه: هاه! تريد أن تسكن الفردوس، وتجاور الرحمن في داره مع النبيين والصديقين


(١) رواه البخاري (٥٨١٨)، ومسلم (٢٦٤١).
(٢) رواه أبو داود (٥١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>