للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه على ذلك، فنيته أبلغ من عمله (١).

وقال مالك بن دينار رحمه الله تعالى: إن للمؤمن نية في الخير هي أبدًا أمامه لا يبلغها عمله، وإن للفاجر نية في الشر هي أبدًا أمامه لا يبلغها عمله، والله مبلغ بكل ما نوى (٢).

وقال الحسن رحمه الله تعالى: المؤمن تبلغ نيته وتضعف قوته، والمنافق تضعف نيته وتبلغ قوته (٣).

روى هذه الآثار ابن أبي الدنيا في كتاب "الإخلاص والنية".

قلت: وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: "إِنَّما الأَعْمالُ بِالنيَّاتِ، وَإِنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوى" (٤) إشارة إلى مسألتين عظيمتين:

الأولى: أن النية تارة تكون مع العمل، وتارة تكون دون عمل، فأشار إلى الأول بقوله: "إِنَّما الأَعْمالُ بِالنِّيَّاتِ"، وإلى الثاني بقوله: "وَإِنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوى"؛ أي: سواء عمل أو لم يعمل.

والمسألة الثانية: أن العمل لا ينفع مستقلًّا دون نية، وأن النية تنفع مستقلة دون العمل، ومن ثم كانت نية المؤمن خيراً من عمله


(١) ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٢/ ٣٢٦).
(٢) انظر: "ربيع الأبرار" للزمخشري (١/ ٢١٩).
(٣) انظر: "قوت القلوب" لأبي طالب المكي (٢/ ٢٦٣).
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>