للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الله تعالى: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف: ١٩٦].

وقال تعالى: {وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ} [الأنبياء: ٨٦].

وقال تعالى: {نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: ١١٢].

ثم إن الأنبياء عليهم السلام معصومون؛ أي: لا تقع منهم معصية أصلًا، ولا صغيرة في حال النبوة، وما سمي مما وقع منهم خطيئة أو معصية بالنسبة إلى علو مقامهم، وإنما الواقع منهم كان خلاف الأولى بهم، فأطلق عليه المعصية لأن مقامه منزه وحاله شريف، والأولياء رضي الله تعالى عنهم محفوظون؛ أي: لا يصرون على الذنب كما قال الله تعالى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: ١٣٥].

ولكن المختار أن الولي لا يقع منه الذنب على وجه المخالفة والعناد، ولكن على وجه الزلة والخطأ من غير اقتصاد، ولو شاء الله لعصم أولياءه كما عصم أنبياءه، ولكن أراد أن يظهر مزية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ليعرف الأولياء وغيرهم حقوقهم فلا يتعدى أحد طَوره، وأن يكون أولياؤه تحت قهره تجري عليهم أقضيته، وهم مُطرقون بين يدي قدرته، ولتنكسر قلوبهم بالزلة فينخفض جناحهم، ويلين جانبهم بين يديه، فيرفعهم حينئذ ويقربهم، ويخلع عليهم خلع التوبة والقبول، فلا يشمخون ولا يعجبون، ويستكينون إليه، ويذلون بين يديه.

<<  <  ج: ص:  >  >>