للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أَنا وامْرَأَةٌ سَفْعَاءُ الخَدَّينِ كَهَاتَيْن يَوْمَ القِيَامَةِ"، وأومأ بيده - يزيد بنُ زُريعٍ: السَّبَّابةَ والوسطى - "وامرأةٌ آمَتْ مِنْ زَوْجهَا، ذاتُ مَنْصِبٍ وجَمالٍ، حَبَسَتْ نَفْسَها عَلَى يَتَامَاهَا حتَّى بَاتُوا أَوْ مَاتُوا"، رواه أبو داود، عن عوف بن مالك الأشجعي - رضي الله عنه -.

قال الخَطَّابي: السَّفعاء: التي تَغَيَّر لونُها إلى الكُمُودة والسَّواد من طول الأيمة؛ يريد بذلك: أنها حبسَتْ نفسَها على أولادها، ولم تتزوج فتحتاج إلى الزِّينة والتصنُّع للزوج. فجزاها الله عنَّا أحسنَ الجزاء، وعَوَّضها عَمَّا تركَتْ من أجله لوجهه في دار البقاء.

وساعدها على ذلك كلِّه شقيقُها الخَواجا زينُ الدين عمر بن الخواجا بدر الدين حسن بن سبت، وأجزل إلينا خيراً، وكانت معيشتُنا من رَيعِ وَقْفِ جَدِّنا ومُلكِ أبينا وميراثِه الذي تلقَّيناه عنه، أحسنَتْ والدتُنا التصرفَ في أموالنا، وفي مُؤْنتنا وكسوتنا، ولم تُحَمِّلْنا مِنَّة أحدٍ قطُّ، وتقول: هو ببركة والدهم (١)، ثم إنها - أعزَّها الله ومَدَّ في أجلها - أشغلتنا بقراءة القرآن، وطلب العلم؛ فقرأتُ القرآنَ على الشيخ عثمان اليماني.

ثم نقلني الوالدُ قبل وفاته إلى الشيخ يحيى العماري (٢)، فختمت


(١) قال المؤلف - رحمه الله - (٢/ ٥٤٨) من كتابه هذا: "وأخبرني غير واحد: أن الشيخ الوالد - رضي الله عنه - وهبه شيئاً من النقد، فحرص عليه، وحفظه في كيسه - أو خزانته -، فكان سبباً لنمو ماله، وحلول البركة فيها".
(٢) وقد نقل في كتابه هذا عنه، انظر: (١٠/ ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>