للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تكون دارًا لأحد من الأولياء؛ لأنهم أهل القرب.

روى الإِمام أحمد، والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الدُّنْيَا دَارُ مَنْ لا دارَ لَهُ، وَمَالُ مَنْ لا مَالَ لَهُ، وَلهَا يَجْمَعُ مَنْ لا عَقْلَ لَه" (١).

وكل أحد من أولياء الله تعالى له دار ومال مخصوصان به في الآخرة، فلا تصلح أن تكون الدنيا دارًا له أصلًا.

وكأن التقدير في الحديث: دار من لا دار له في الآخرة، أو في الجنة.

وحقيقة الدار: ما يحوط المرء، ويلم شعثه، ويسكن قلبه، بحيث يأمن ويطمئن ويأنس، ولا تصلح الدار إلا إذا كانت دار مقامة واستقرار، وذلك غير وصف الدنيا حقيقة لأن كل عبد مزعج منها مخرج منها، وإن الدار الآخرة هي دار القرار وهي دار المقامة، ومن ثم يقول أهل الجنة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [فاطر: ٣٤، ٣٥].

فحقيقة الدار ما كانت هكذا دار مقامة وسرور وراحة، من غير إعياء ولا سآمة ولا ملل، ولا كذا دار الدنيا, ولا دار أعداء الله في الآخرة؛


(١) رواه الإِمام أحمد في "المسند" (٦/ ٧١)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (١٠٦٣٨). قال المنذري في "الترغيب والترهيب" (٤/ ٨٦): إسنادهما جيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>