وصفهم سبحانه وتعالى بالذكر وملازمته في سائر الأحوال، والفكر في مخلوقات الله تعالى، والمعرفة بأنه سبحانه لم يخلق شيئًا باطلًا، والتسبيح والاستعاذة من النار، والإيمان بأمور الآخرة التي منها عذاب النار، وسؤال الله الوقاية منها، وأنَّ دخولها هو الخزي، وأنَّ الظالم هو المخذول يوم القيامة لا أنصار له، وحسن الاستماع، وسؤال الله المغفرة، وتكفير السيئات، والثناء على الأبرار، وطلب اللحاق بهم، والجهاد في سبيل الله تعالى، والهجرة، واحتمال الأذى في ذات الله، والرغبة في الشهادة؛ وكل ذلك من خواص أعمال الصالحين وأخلاقهم.
ثم بين الله تعالى أنه يستجيب لهم بقوله تعالى:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى}[آل عمران: ١٩٥] الآية.
فأهل الاستجابة هم أولو الألباب الذين يدعون الله تعالى، وقلوبهم في مشاهدته تشهد أن العطاء والمنع بيده، ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ادْعُوْا الله وَأنتُم مُوقنُوْنَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوْا أَنَّ اللهَ لا يَقبَلُ دُعَاء مِنْ قَلب غَافِلِ لاهٍ". رواه الترمذي، والحاكم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - (١).
وروى الإِمام أحمد في "الزهد" عن مالك بن دينار رحمه الله تعالى قال: قال الله تبارك وتعالى على لسان نبي من أنبياء بني إسرائيل: قل لبني إسرائيل: تدعوني بألسنتكم، وقلوبكم بعيدة مني؟ باطل ما ترهبون،
(١) رواه الترمذي (٣٤٧٩) وقال: غريب، والحاكم في "المستدرك" (١٨١٧). وضعف الإِمام النووي إسناده في "الأذكار" (ص: ٣١٩).