للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانوا عشرين ألفًا (١).

وقال هو، وشهر بن حوشب رحمهما الله تعالى: لو أنَّ عبدًا بكى في ملأ من الناس لرحموا ببكائه (٢).

روى هذه الآثار ابن أبي الدنيا في كتاب "الرقة والبكاء".

واعلم أنَّ البكاء النافع الداعي إلى الرحمة هو البكاء من خشية الله، ومحله القلب، وقد يكون الباعث عليه رؤية الآثار بالبصر، أو سماع الأخبار والعبر، أو تذكر الأحوال والفكر، وهو من أعمال أفضل أعضاء البشر، ولها رابع وهو اللسان، وقد يكون عمله باعثًا على البكاء أيضًا، وسلطانها القلب، والثلاثة وزراؤه ونصراؤه، فإذا صلحت هذه الأربعة عمرت مدينة إنسانيته، وقد نهى الله تعالى ما دون اللسان منها إلى [التلهي عن] ما خلق له، وعاتب أصحابها على [إيقافها] (٣) عن أدائها بقوله: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: ٤٦].

روى البيهقي في "شعبه"، وغيره عن عبد الله بن جراد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ الأَعْمَى مَنْ يَعْمَى بَصَرُهُ، وَلَكِنَّ الأَعْمَى مَنْ


(١) رواه ابن أبي الدنيا في "الرقة والبكاء" (٩).
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في "الرقة والبكاء" (١٠) عن الحسن، و (١٣) عن شهر ابن حوشب.
(٣) الكلمة غير واضحة في "م".

<<  <  ج: ص:  >  >>