للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الخرائطي في "مكارم الأخلاق" عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: من ينصف الناس من نفسه، يعطى الظفر في أمره، والذل في الطاعة، أقرب إلى البر من التعزز في المعصية (١).

وقد أمرنا الله تعالى بالبر والتعاون عليه بقوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢].

قال القشيري - رضي الله عنه - في الآية: البر فعل ما أمرت به، والتقوى ترك ما نهيت عنه (٢).

وهو مروي عن الربيع بن أنس. أخرجه عبد بن حميد (٣).

وأراد رحمه الله تعالى بهذا التفسير دفع المغايرة بين اللفظين، المستلزمة للتكرار، وإلا فإن التقوى في الأصل بمعنى الحذر، والبر هو "الإحسان قولًا وعملًا ونية، والحذر من المعصية داخل فيه؛ فالتقوى من البر، والبر هو الإحسان؛ قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} [فصلت: ٣٣]؛ فالمحسنون هم الصالحون، وقد علمت محل التقوى بهم، وهم الأبرار -أيضًا- كما علمت.

وقال الله تعالى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى} [البقرة: ١٨٩]؛ أي: بر من أتقى.


(١) رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص: ٨١).
(٢) انظر: "تفسير القشيري" (١/ ٢٤٧).
(٣) كذا عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٣/ ١١) إلى عبد بن حميد.

<<  <  ج: ص:  >  >>