للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شِرْكٌ، وإنَّ مَنْ عَادَى وَلِيًّا للهِ فَقَدْ بَارَزَ الله بِالمُحَارَبَةِ، وَإِنَ اللهَ تَعَالى يُحبُّ الأَبْرَارَ الأتقِيَاءَ الأَخْفِيَاءَ، الَذِيْنَ إِذَا غَابُوْا لَمْ يُفْتَقَدُوْا، وإذَا حَضَرُوْا لَمْ يُدْعَوْا, ولَمْ يُعْرَفُوْا، مَصَابِيْحَ الهُدَى، يَخْرُجُوْنَ مِنْ كُل غَبْرَاءَ مُظْلِمَة" (١).

وهذا الحديث فيه فوائد جليلة:

- منها: أنَّ الأبرار أحباب الله تعالى، وهي محبة خاصة أخص من محبة المؤمنين المشروطة بالاتباع في قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١].

وإنما شرطت محبة الله بالاتباع لا بالمحبة؛ لأن المحبة لا تتحقق إلا به، ولذلك قيل (٢): المحبة هي موافقة الحبيب.

وفي نفس الأمر لا تترتب محبة الله تعالى للعبد إلا على محبة العبد لله، فالأبرار ما كانوالله أحبابا حتى كانوا لهُ محبين، وإن كانت محبة الله سابقة على محبتهم إياه؛ بدليل قوله تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: ٥٤].

ومنه قول أبي يزيد - رضي الله عنه -: إنه غلط في بدايته في أمور؛ منها: أنه كان يحسب أنه يحب الله، فإذا محبة الله متقدمة على محبته، فإنا نقول: يحب الله تعالى العبد فيوفقه لحبه، فيحبه العبد، فيحبه الله تعالى محبة خاصة هي جزاء محبته، فالبار من العباد من وفق لمحبة الله تعالى فأحبه،


(١) رواه ابن ماجه (٣٩٨٩)، والحاكم في "المستدرك" (٤)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٦٨١٢). وإسناده ضعيف.
(٢) في "م": "قال".

<<  <  ج: ص:  >  >>