للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَأَىْ لُجَّةً ظَنَّها مَوْجَةً ... فَلَمَّا تَوَسَّطَ فِيْها غَرِقْ (١)

فقد يعشق ولا يقدر على العفاف، فيقع في الفسق، بل ربما انتهى به العشق إلى الكفر، وكم إنسان أدى به العشق إلى الخروج من دينه، ثم لم يظفر بما خرج لأجله عن الدين حتى هلك.

والعشق من حيث هو مذموم، والتعرض له بالنظر وغيره حرام، ولا يدخل فيه النظر والتمتع بالحلائل؛ لأن ذلك لا يؤدي به إلى العشق، بل إلى الحب، والحب محمود بخلاف العشق.

وليس الثواب المنصوص عليه في الحديث على العشق، ولكنه على العفاف والصبر عن مقتضى العشق إذا دهم العبد الابتلاء بالعشق، لا إذا تعرض له بما هو حرام، وكيف يتوصل إلى درجات الشهادة بالمعاصي؟ هذا مما لا يكون أصلاً.

وأكثر الواقعين في هذه المنزلة متصوفة هذه الأزمنة المتأخرة، القائلون بالشاهدة، المعرضون عن أمر الواحد الماجد، وأكثرهم حلولية، اتحادية، بطلة، جهلة، إلحادية إلا من عصمه الله تعالى وحفظه، وأقام له من قلبه واعظًا وعظه.

وقد قال شيخ الطائفة أبو القاسم القشيري رحمه الله في "رسالته":


(١) انظر: "ذم الهوى" لابن الجوزي (ص: ٥٨٦)، و"تاريخ الإسلام" للذهبي (٣٠/ ٣٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>