للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَوَّدَ مَعَ قَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ، وَمَنْ رَوَّعَ مُسْلِماً لِرِضَىْ سُلْطانٍ جِيْءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ مَعَهُ" (١).

وفي النهي عن تكثير سواد الكفار والفسَّاق مبالغة في التنفير عنهم وعن مخالطتهم؛ لأن ذلك صادق على الوقوف في سوادهم مرة واحدة.

وفي "صحيح البخاري" عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيأتي السهم يرمى به فيصيب أحدهم فيقتله، أو يضرب فيقتل، فأنزل الله - تعالى ذكره - فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ٩٧] (٢).

فانظر كيف استوجب هؤلاء هذا الوعيد الشديد بمجرد تكثير سواد المشركين، ووقوفهم معهم مع اعتذارهم باستضعافهم واستهانتهم لمَّا كانت الهجرة ممكنة لهم، والمفارقة سائغة منهم، على أنه لم يثبت أنهم ساعدوا المشركين في قتالهم إلا بمجرد الوقوف معهم، وتكثير سوادهم، فما ظنك بمن يتشبه بالمشركين والفاسقين!

وممَّا يدل على أن مجرد تكثير سواد الفاسقين موجب للحاق بهم:


(١) رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (١٠/ ٤٠)، ورواه أيضاً ابن أبي عاصم في "السنة" (٢/ ٦٢٧).
(٢) رواه البخاري (٤٥٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>