للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيماء إلى أنَّهُ من العلماء العارفين بالله، وبالطريق الموصل إليه، وأنَّه من الهداة المهديين تحديثاً منه بنعمة العلم والهداية ليتبعوه.

وفي ذلك أن الصديقين لا يضرهم دعوى العلم ليعرفوا فيسألوا، وقد سبق قول علي - رضي الله عنه - لكُميل بن زياد: هاه! هاه! إن ها هنا علوماً لو وجدت لها حملة -وأشار إلى صدره - (١).

وفي قوله: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} [غافر: ٤٤] إشار؛ إلى أدوم أحوال الصديقين وأغلبها، وهو التفويض والتسليم، وهما حال أبي بكر وعلي - رضي الله عنه - حين خرج الأول مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مهاجرين حتى نزلا الغار، ونام الثاني في فراش النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أحاط به قريش يَأْتَمِرُون به ليقتلوه، وهذا غاية ما يطيقه العبد من التفويض.

وإذا وصل العبد إلى هذه الرتبة فقد وُقِيَ، كما قال الله تعالى في مؤمن آل فرعون: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} [غافر: ٤٥].

وكذلك لما سَلَّم أبو بكر وعلي - رضي الله عنهما - سَلِما، ووقاهما الله شر قريش، وحينئذ حصلت الراحة، وذهبت المشقة عن كل واحد منهما.

ومن ثم قال أبو عثمان الحيري رحمه الله تعالى: أنت في سجن ما تبعت مرادك، فإذا فوَّضت وسلمت استرحت (٢).

وقال أبو علي الروذاباري رحمه الله تعالى: سلامة النفس في


(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه السلمي في "طبقات الصوفية" (ص: ١٤٣)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (١٠/ ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>