للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي عثمان النَّهدي: أنَّ غلام المغيرة بن شعبة تزوج، فأرسل إلى عثمان -وهو أمير المؤمنين -رضي الله عنه-، فلما جاء قال: أما إني صائم، غير أني أحببت أن أجيب الدعوة، وأدعو بالبركة (١).

وأحوال الخلفاء الراشدين وأهل طبقتهم من الصديقين، وسيرهم إنما هي مشتملة على الجد، والتشمير في طاعة الله تعالى.

ولقد قال الله تعالى في وصفهم: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: ١٥ - ١٩].

ثم إنهم على ما هم عليه من السبق والتبريز في كل مقام من العبادة، وحال من التقوى متهمون لأنفسهم، غير مستكملين لها، بل ماقتون لها في ذات الله تعالى، غير راضين منها، مستمدون في ذلك من قول يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف: ٥٣].

وروى ابن أبي الدنيا في "محاسبة النفس" عن مولى لأبي بكر - رضي الله عنه - قال: قال أبو بكر الصديق - صلى الله عليه وسلم -: من مقت نفسه في ذات الله آمنه الله من مقته (٢).


(١) رواه الإِمام أحمد في "الزهد" (ص: ١٢٩).
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في "محاسبة النفس" (ص: ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>