للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبيه - رضي الله عنهما - مرسلاً قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَلا إِنه سَيَكُوْنُ أَقْوَامٌ لا يَسْتَقِيْمُ لَهُمُ الْمُلْكُ إِلا بِالقَتْلِ وَالتَّجَبُّرِ، وَلا يَسْتَقِيْمُ لَهُم الغِنَى إِلا بِالبُخْلِ وَالفُجُوْرِ، وَلا تَسْتَقِيْمُ لَهُمُ الْمَحَبَّةُ في النَّاسِ إِلا بِاتِّبَاعِ الْهَوَى والاسْتِخْرَاجِ في الدّيْنِ، أَلا فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُم ذَلِكَ الزَّمَانَ فَصَبَرَ عَلَى الشِّدةِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الرَّخَاءِ، وَصَبرَ عَلَى الذُّلِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى العِزِّ، وَصَبَرَ عَلَى الفَقْرِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الغِنَى، وَصَبَرَ عَلَى البُغْضَةِ في النَّاسِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْمَحَبَّةِ -لا يُرِيْدُ بِذَلِكَ إلا وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ - آتَاهُ اللهُ عز وجل ثَوَابَ سَبْعِيْنَ صِدّيْقًا" (١).

وروى أبو بكر بن مردويه عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ فَرَّ بِدِيْنهِ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ مَخَافَةَ الفتْنَةِ عَلَى نَفْسِهِ وَدِيْنهِ كُتِبَ عِنْدَ اللهِ صِدّيْقًا، فَإِذَا مَاتَ قَبَضَهُ اللهُ شَهِيْدًا"، ثُمَّ تَلا هَذه الآية: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الحديد: ١٩]، ثُمَّ قَالَ: "هَذه فِيْهِمْ"، ثُمَّ قَالَ: "وَالفَرَّارُوْنَ (٢) بِدِيْنهِمْ مِنْ أَرْضٍ إِلى أَرْضٍ يَوْمَ القِيَامَةِ مَعَ عِيْسَى بنِ مَرْيَمَ عَليِهِمَا السَّلامُ في دَرَجَتِهِ في الْجَنَّةِ" (٣).

قلت: في هذا الحديث تلويح بأن الآية نزلت في المهاجرين لأنهم فروا بالهجرة بدينهم، فمن كان على قدم المهاجرين فهو صديق.


(١) رواه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (٣/ ٦٧٢).
(٢) في "الدر المنثور": "والفارون" بدل "والفرارون".
(٣) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٨/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>