للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أنَّ أخلاق الصديقين وأعمالهم لا تختص بما ذُكِر، بل يندرج فيها جميع أخلاق الصالحين والشهداء؛ لأن الصديقين خواص هؤلاء، فالصديق من جاء بأعمال الأبرار، وجمع مكارم أخلاقهم، ثم زاد عليهم بأخلاق أخرى.

وقد روى ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"، وابن عساكر عن سليمان بن يسار رحمه الله تعالى مرسلاً قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خِصَالُ الْخَيْرِ ثلاثة (١) وَستُّوْنَ خصْلَةً، إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدهِ خَيْرًا جَعَلَ فِيْهِ خَصْلَةً مِنْهَا بِهَا يدخلُ الْجَنَّةَ"، فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: يا رسول الله! أَفِيَّ شيء منها؟ قال: "نَعَمْ، جَمِيْعُهَا" (٢).

وفي رواية أخرى: فقال أبو بكر: يا رسول الله! فِيَّ منها شيء؟ قال: "كُلُّهَا فِيْكَ، فَهَنِيْئًا لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ" (٣).

واعلم أنَّ من تمام أخلاق الصديقين وكمال أحوالهم أنهم لا يرضون بالإقامة على حالتهم التي هم عليها حتى يرتقوا عنها في كل نَفَس من أنفاسهم، وهذا مستمد من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا أتَى عَلَيَّ يَوْمٌ لا أَزْدادُ فِيْهِ عِلْمًا يُقَرِّبُنِي إِلى اللهِ فَلا بُوْرِكَ لِي في طُلُوْعِ شَمْسِ ذَلِكَ اليَوْمِ".


(١) في مصادر التخريج: "ثلاث مئة".
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (ص: ٢٥)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٠/ ١٠٣).
(٣) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٠/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>