للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم، وإيثاره لطريقتهم كالصحابة رضي الله تعالى عنهم مع النبي - صلى الله عليه وسلم -.

فأما لو كان تسويده معهم عجزاً، أو تَقِيَّة، أو توصلاً إلى الدنيا وطلباً للغنائم، أو تهكماً واستهزاء، أو تجسسا عليهم وكشفاً لأحوالهم، أو مُكرهاً= فهذا لا يكون منهم؛ كالمنافقين مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، كانوا يسودون معه لمعنى من المعاني، فإذا رأوا غنيمة ثبتوا معه، وإذا رأوا هزيمة فرُّوا عنه، وتركوه، فهؤلاء ليسوا من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس هو منهم، كما قال الله تعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} [التوبة: ٥٦]؛ أي: يخافون، فيُظهرون الإسلام والاتباع تَقِيَّةً منكم.

وكذلك - أيضاً - تسويد المستضعفين من المسلمين مع الكفار لا يضرهم، ولا يصيِّرهم منهم، إلا إذا أمكنتهم الهجرة عنهم، فإن تمكنوا من الهجرة، ولم يهاجروا كانوا معهم، كما قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (٩٧) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: ٩٧ - ٩٩].

وإنما استثناهم الله تعالى مع إقامتهم في أرض المشركين وكينونتهم معهم؛ لأنهم كانوا مع ذلك يكرهون ما هم عليه من الكفر

<<  <  ج: ص:  >  >>