للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَنْ غابَ عَنْهَا، وَمَنْ غابَ عَنْها فَرَضِيَها، كانَ كَمَنْ شَهِدَها" (١).

وروى البيهقي في "سننه" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَضَرَ مَعْصِيَةً فَكَرِهَهَا، فَكَأَنَّما غابَ عَنْها، وَمَنْ غابَ عَنْها فَرَضِيَها، فَكَأَنَّهُ حَضَرَها" (٢).

نعم، إذا تجرد التسويد معهم عن المحبة والكراهية جميعاً، فقد يشاركهم فيما ينوبهم من رحمة أو نقمة - كما سبق في كلام لقمان - كمن يسود معهم عبثاً، أو للتفرج والتلهي بهم، كمن يقف على من يضرب بالآلة، أو بشعبات، أو يرقص القرود، أو على حلقة يعزر فيها من لا يستحق التعزير، أو على حلقة المتصارعين، أو المتداقفين، أو مع من يشهد من يمشي على الحبل، بل التسويد مع هؤلاء لهذه المعاني يلحق بهم بلا شك.

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَحَبَّ قَوْماً جَعَلَهُ اللهُ مَعَهُمْ" (٣):

فيه إلحاق من لم يشهد القوم، ولم يسود معهم بهم لمجرد محبته إياهم - كما تقدم -؛ أي: ما لم يخالفهم، أو يتشبه بغيرهم، كما روى ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنه كان يقول: إني


(١) رواه أبو داود (٤٣٤٥).
(٢) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٢٦٦)، وقال: تفرد به يحيى بن أبي سليمان وليس بالقوي، ورواه ابن أبي الدنيا في "الأمر بالمعروف" (ص: ١٢٠).
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>