قريش بما كان من خير أو شر، وكان رجلاً تاجراً ذا خلق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر؛ لعلمه، وتجارته، وحسن مجالسته، فجعل يدعو إلى الإسلام كل من وثق به من قومه ممن يغشاه، ويجلس إليه، فأسلم على يديه - فيما بلغني - عثمان بن عفان، والزبير ابن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، فجاء بهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى استجابوا لله، وأسلموا، وصلوا، فكان هؤلاء أول من أسلم وآمن بالله ورسوله بعد أبي بكر، وهم سُبَّاق هذه الأمة (١).
وقوله:"فكان هؤلاء ... " إلى آخره احترازٌ عمن سبق مع أبي بكر - رضي الله عنهم -؛ وهم: خديجة، وعلي، وزيد بن حارثة، وبلال، وكذلك من أسلم مع هؤلاء، إلا أنَّ هؤلاء أسلموا على يد أبي بكر - رضي الله عنهم - كابن مسعود، وأبي ذر، وعمار، وأبويه، وخباب وصهيب - رضي الله عنهم -.
فكل هؤلاء سابقون، والتشبه بهم مطلوب؛ فمن أراد الاقتداء بهم ينبغي أن يبحث عن ما كانوا عليه من الأعمال والأخلاق والآداب، فيتلبس بها، ويتحلى بحلاها، ولا سيما الخلفاء الأربعة - رضي الله عنهم -، وبالخصوص الشيخان - رضي الله عنهما -.
روى الترمذي، وابن ماجه عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: كنَّا جلوساً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إِنَّي لا أَدْرِيْ مَا بَقَائِيَ فِيْكُمْ؛ فَاقْتدُوا بِالَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي،