للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروى ابن ماجه، وابن حبان، والحاكم، وغيرهم عن أبي سعيد - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ دَرَجَةَ يَرْفَعْهُ اللهُ دَرَجَةً حَتَّى يَجْعَلَهُ فِي عِلِّيِّينَ، وَمَنْ يَتَكَبَّرْ عَلَى اللهِ دَرَجَةً يَضَعْهُ دَرَجَةً حَتَّى يَجْعَلَهُ فِي أَسْفَلِ سَافِلِيْنَ" (١).

وروى ابن المبارك في "الزهد" عن أبي المتوكل الناجي - مرسلاً - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الدَّرَجَةَ فِي الْجَنَّةِ فَوْقَ الدَّرَجِةِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَرْفَعُ بَصَرَهُ فَيَلْمَعُ لَهُ بَرْقٌ يَكَادُ يَخْطَفُ بَصَرَهُ، فَيَفْزَعَ لِذلِكَ، فَيَقُوْلُ: مَا هَذَا؟ فَيقالُ: هَذَا نُوْرُ أَخِيْكَ فُلان، فَيَقُوْلُ: أَخِي فُلان؟ كُنَّا نَعْمَلُ فِي الدُّنْيَا جَمِيْعًا، وَقَد فُضِّلَ عَلَيَّ هَكَذَا؟ فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّهُ كَانَ أَفْضَلَ مِنْكَ عَمَلاً، ثُمَّ يُجْعَلُ فِي قَلْبِهِ الرِّضَا حَتَّى يَرْضَى" (٢).

قلت: وهذه أعظم نعمة في الجنة على كل واحد من أهلها أن يلقيَ اللهُ الرِّضا في قلبه حتى يرضى بمقامه ومنزلته فيها، وهذا أثر من آثار رضوان الله تعالى عنهم، ومن ثمَّ وصف الله تعالى أهل ولايته وتقريبه بقوله: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [البينة: ٨].

وأقول في هذا المعنى، والحجة عليه قوله تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التوبة: ٧٢] [من الخفيف]


(١) رواه ابن ماجه (٤١٧٦)، وابن حبان في "صحيحه" (٥٦٧٨) واللفظ له.
(٢) رواه ابن المبارك في "الزهد" (١/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>