للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واللفظ الأول كان يدل على أن شرط ذلك سماع المشهود له بالإحسان أو بالإساءة، وأما اللفظ الثاني فإنه يدل على أن مجرد شهادة الجيران تكفي، سواء سمع أم لا، وهو كذلك.

والمراد معظم الجيران، أو خيارهم وأتقياؤهم.

وقد سبق عن سفيان: أنَّ الرجل إذا أثنى عليه كل جيرانه كان غير مرضي، ووجهه: أنه يمالئ كل واحد منهم على ما يكون عليه من حَسَن أو قبيح، فلو أنكر على من يقع منه المنكر منهم لغضب منه، فلم يتفقوا على الثناء عليه.

وروى الطبراني في "الأوسط" ورجاله رجال الصحيح، عن أبي سعيد - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَفْضَلُ الْمُؤْمِنِيْنَ رَجُلٌ سَمْحُ البَيع، سَمْحُ الشِّرَاءِ، سَمْحُ القَضَاءِ، سَمْحُ الاقْتِضَاءِ" (١).

وروى الشيخان، وغيرهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يتقاضاه فأغلظ له، فهمَّ به أصحابه، فقال رسول الله: "دَعُوْهُ؛ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالاً"، ثم قال: "أَعْطُوْهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ"، قالوا: يا رسول الله! لا نجد إلا أمثلَ من سنه، قال: "أعطُوْهُ؛ فإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنَكُم قَضَاءً" (٢).


(١) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٧٥٤٤). وروى نحوه الترمذي (١٣١٩) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، ولفظه: "إن الله يحب سمح البيع سمح الشراء سمح القضاء".
(٢) رواه البخاري (٢١٨٣)، ومسلم (١٦٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>