للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخلق لا يسلم صاحبه من الإثم بخلاف الحدة؛ فإنَّه يرجع قبل أن يدركه الإثم، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث علي: "الَّذِيْنَ إِذَا غَضِبُوْا رَجَعُوْا"، وفي حديث معاذ: "ثُمَّ تَفِيْءُ"؛ أي: ترجع قبل أن يدركها الإثم.

وفي "القاموس" تفسير الحد والحدة بالنزق، ثم فسر النزق بالطيش والخفة (١)، ولعلهما طيش وخفة مخصوصان بحال الغضب.

لكن يرشد حال المحتد بخلاف سيئ الخلق؛ فإنه يعبِّر على حاله وينتقل من الخفة إلى التهور.

ومن ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سُوْءُ الخُلُقِ شُؤْمٌ". رواه أبو حفص بن شاهين في "أفراده" عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، والخطيب عن عائشة رضي الله عنها، وزاد فيه: "وَشِرَارُكُمْ أَسْوَؤُكُمْ خُلُقًا" (٢).

وروى الإمام أحمد ورواته رواة الصحيح، والطبراني، وابن حبان في "صحيحه" عن أبي ثعلبة الخشني - رضي الله عنه - قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ أَحَبكمْ إِليَّ وأَقْرَبَكُمْ مِنِّي فِي الآخِرَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاقًا، وإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِليَّ وأَبْعَدَكُمْ مِنِّي فِي الآخِرَةِ أَسْوَؤُكُمْ أَخْلاقًا"، الحديث (٣).


(١) انظر: "القاموس المحيط" (ص: ٣٥٢) (مادة: حدد).
(٢) رواه ابن شاهين في "أفراده" (١/ ٧) عن ابن عمر - رضي الله عنه -.
ورواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (٤/ ٢٧٦) عن عائشة رضي الله عنها.
(٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٤/ ١٩٣)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٢٢/ ٢٢١)، وابن حبان في "صحيحه" (٥٥٥٧). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٨/ ٢١): رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>