وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه -: أنَّ أصحابه كانوا ينتظرونه، فلما خرج قالوا: ما أبطأك عنَّا أيها الأمير؟ قال: أما إني سوف أحدثكم أن أخاً لكم ممن كان قبلكم وهو موسى عليه السلام قال: "يا رب حدثني بأحب الناس إليك"، قال:"ولم؟ " قال: "لأحبه بحبك إياه"، قال:"عبد في أقصى الأرض، أو في طرف الأرض سمع به عبد آخر في أقصى الأرض أو في طرف الأرض لا يعرفه، فإن أصابته مصيبة فكأنما أصابته، وإن شاكته شوكة فكأنما شاكته، لا يحبه إلا لي، فذلك أحب خلقي إلي"، قال:"يا رب! خلقت خلقاً تدخلهم النار أو تعذبهم؟ " فأوحى الله إليه: "كلهم خلقي"، ثم قال:"ازرع زرعًا"، فزرعه، فقال:"اسقه"، فسقاه، ثم قال:"قم عليه"، فقام عليه أو ما شاء الله من ذلك، فحصده، ورفعه، فقال:"ما فعل زرعك يا موسى؟ " قال: "فرغت منه ورفعته" قال: "ما تركت منه شيئاً؟ " قال: "ما لا خير فيه، أو ما لا حاجة لي فيه"، قال:"كذلك أنا لا أعذب إلا ما لا خير فيه"(١).
ومن لطائف ما يلحق بهذا الباب: ما رواه ابن الأنباري عن الأصمعي قال: خرج أعرابي من أهله مبكراً يغدو في حاجة له، فاجتاز بمسجد تقام فيه الصلاة، فدخل يصلي مع القوم تبركاً بالجماعة، فأطال الإمام القراءة والصلاة حتى استيأس الأعرابي من حاجته، وعلم أن قد فاته الذي غدا في طلبه، فلما قضيت الصلاة وجلس الإمام في محرابه جاءه الأعرابي حتى وقف بين يديه، ثم أنشأ يقول:[من الوافر]