للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآخرة، ومن هنا قيل: العبد محمول على نيته، فكثيراً ما ينوي العبد الخير فيرى الخير، وينوي الشر فيرى الشر.

[ثم إنَّه] (١) يثني عليه بما في نيته فربَّ عامل خير يثنى عليه بشر ثناء لأن نيته السوء، ورب مقصر في أعمال الخير يثنى عليه بخير ثناء لأن نيته (٢) الخير، فليس كل عمل مقبولاً عند الله ولا مطلقة به ألسنة عباده، ومن ثم قال الله تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: ١٠٥]؛ أي: فسيرى الله عملكم المقصود منكم، الموافق لحقيقة ما في سرائركم.

وقال تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: ٨٤].

قال الحسن: أي: على نيته. رواه هناد بن السري، وابن المنذر (٣).

والمعنى: أنَّ عمل كل عامل على مقدار شاكلته ونيته في جزائه عند الله تعالى فيما يظهره الله تعالى من حاله على ألسنة الناس، وبهذا الطريق يُطلق الله ألسنة الناس بالثناء على العبد.

وروى الإمام أحمد، وابن أبي الدنيا، وأبو يعلى، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وصححه، والبيهقي في "الشعب" عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَو أَنَّ أَحَدَكُمْ يَعْمَلُ فِي صَخْرَةٍ


(١) غير واضح في "م"، والمثبت من "ت".
(٢) لعل الصواب: "نيته".
(٣) رواه هناد بن السري في "الزهد" (٢/ ٤٤٠)، وانظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٥/ ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>