للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الظل، وقال: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: ٢٤]؛ أي: ما اخترته لي وأنزلته عليَّ بلا منة مخلوق، ولا سعي، ولم يقل ذلك حتى اضطر إلى ما يقيم صلبه.

قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: ما سأل إلا الطعام.

وقال مرة: سأل فلقاً من الخبز يشد بها صلبه من الجوع.

وقال أيضاً: لقد قال موسى: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: ٢٤] وهو أكرم خلقه عليه، ولقد افتقر إلى شق تمرة، ولقد لصق بطنه بظهره من شدة الجوع. رواهما ابن أبي حاتم.

وروى الأول - أيضاً - عنه عبد الله ابن الإمام أحمد، والثاني والثالث ابن المنذر، والثالث سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، والضياء في "المختارة" (١).

وهذا إيماء إلى أن الطعام وغيره مما يحتاج إليه العبد في معاشه لا يكون خيراً إلا إذا كان على قدر الحاجة، وما زاد على الحاجة لا يدل على الكرامة.

ثم قد يكون من الخير أن ييسر الله تعالى ما هو الأنفع في قوام البدن حين صحته والأجَلَبُ للشفاء في حال مرضه؛ لأن البدن كلما كان أعدل كان في الطاعة أنشط.

[ومن] (٢) هنا كان أحب الطعام إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الثريد من الخبز،


(١) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٦/ ٤٠٦).
(٢) غير واضح في "م"، والمثبت من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>