للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: ١١٠].

ومن تتمات ما تقدم -أيضًا- أن التقرب إلى الله تعالى بالخير لا ينبغي أن يكون على سبيل النذر والتحريج عن النفس؛ فإنه قد يفضي إلى الضيق وعدم الوفاء، وقد ذمَّ الله تعالى من ابتدع الرهبانية من أمة عيسى عليه السلام وما رعوها حق رعايتها.

ولذلك جزم النووي في "المجموع" بأن النذر مكروه (١)؛ أي: وإن كان يُصَيِّرُ التطوع فريضة فيعظم به الثواب، ونقله عن نص الشافعي في البويطي لصحة النهي عنه في "صحيح مسلم" وغيره عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه نهى عن النذر، وقال: "إِنه لا يَأتِي بِخَيْر، وَإنَّما يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِن البَخِيْل" (٢).

وقوله: "لا يأتي بخير" يحتمل وجهين:

الأول: أنَّ النذر لا يأتي بخير لم يقدره الله تعالى؛ إذ لا يأتي بالخير حقيقةً إلا الله كما تدل عليه الرواية الأخرى: "النَّذْرُ لا يُقَدمُ شَيْئًا وَلا يُؤَخِّرُهُ، وَإِنَّما يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيْلِ"، وهو في "البخاري" بنحو هذا اللفظ (٣).


(١) انظر: "المجموع" للنووي (٨/ ٣٤٢).
(٢) رواه مسلم (١٦٣٩)، وكذا رواه البخاري (٦٣١٥).
(٣) رواه البخاري (٦٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>