للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستشفاء بالصلاة من الشأفة.

وروى سعيد بن منصور، والطبراني في "الأوسط"، وأبو نعيم، والبيهقي في "الشعب" بسند صحيح، عن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا نزلت بأهله شدة أو ضيق أمرهم بالصلاة، وتلا: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: ١٣٢] (١).

قلت: لعل الحكمة في ذلك أنَّ الصلاة معراج المؤمنين إلى الله تعالى، وهي طريقهم للدخول عليه عز وجل، والقُرب منه كما في الحديث: "الصَّلاةُ قُرْبانٌ" (٢)، بل قال تعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: ١٩]، فالصلاة وسيلة العبد إلى الله تعالى بلا واسطة، لا يحتاج معها إلى ترجمان ولا إلى شفيع.

وإنما قال: {وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: ١٣٢]؛ لأنَّ من طلب حاجة من ملك احتاج إلى الصبر لا لضيق خزانة الملك، ولا لعدم نفوذ أمره فيها لكن لمهابة الملك ورعاية الأدب، فكيف بملك الملوك لا هيبة ولا جلالة ولا عظمة إلا له عز وجل، والعبد أحرى بسلوك الأدب معه -سبحانه - منه مع غيره، ومن ثم قال تعالى: {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: ١٥٣].


(١) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٨٨٦)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٨/ ١٧٦)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٣١٨٠).
(٢) رواه الإِمام أحمد في "المسند" (٣/ ٣٩٩)، وابن حبان في "صحيحه" (١٧٢٣) عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -.

<<  <  ج: ص:  >  >>