للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِإبْرَاهِيْم وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوْبَ فَاجْعَلْنِي لَهُمْ رَابِعًا، فَأَوْحَىْ اللهُ إلِيَهْ أَنَّ إِبْرَاهِيْمَ أُلقِيَ فِيْ النَّارِ بِسَبَبِيْ فَصَبَرَ، وَتلْكَ بَلِيَّةٌ لَمْ تَنَلْكَ، وَأنَّ إِسْحَاقَ بَذَلَ مُهْجَةَ دَمِهِ فِيْ سَبَبِي فَصَبَرَ، وَتلْكَ بَلِيَّهٌ لَمْ تَنَلْكَ، وَأنَّ يَعْقُوْبَ أَخَذْتُ مِنْهُ حَبِيْبَهُ حَتَّىْ ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَصَبَرَ، وَتلْكَ بَلِيَّةٌ لَمْ تَنَلْكَ" (١).

ومن هنا يُعلم أنَّ الحزن لا يكون فضيلة كاملة ورتبة عالية إلا إذا قُرِنَ بالصبر وبحسن الظن بالله تعالى، وعدم الضجر، وترك التكلم بما يُشعر بالجزع، والتبرم لقَضاء الله تعالى.

فأما إذا كان الحزن مقرونًا بالجزع أو سوء الظن بالله تعالى، فإنه مذموم.

وعليه يحمل استعاذة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الهم والحزن، أو على الحزن على ما فات من الدنيا والهمِّ بأمورها ما عدا الهم بالمعيشة والعيال، فإنه ليس من هم الدنيا المذموم.

وإليه الإشارة بقوله - صلى الله عليه وسلم - "إنَّ مِنَ الذُّنُوْبِ ذُنُوْبًا لاَ يُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَلاَ الْحَجُّ وَلاَ العُمْرَةُ؛ يُكَفِّرُهَا الْهُمُوْمُ فِيْ طَلَبِ الْمَعِيْشَةِ". رواه أبو


(١) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" (٧/ ٢١٨٦). قال ابن كثير في "التفسير" (٢/ ٤٨٩): مرسل وفيه نكارة، فإن الصحيح أن إسماعيل هو الذبيح، ولكن علي بن زيد بن جدعان له مناكير وغرائب كثيرة، والله أعلم، وأقرب ما في هذا - أن - الأحنف بن قيس رحمه الله حكاه عن بعض بني إسرائيل ككعب ووهب ونحوهما، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>