للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم والرأي والعقل تواضعًا له واستكانة إلا عزم الله له بأرشد أموره. قال محمد: فلقد رأيت أبي وهو يشاور الخادم (١).

نعم، العاقل العارف أولى بالمشاورة، وإذا تعارضت إشارته وإشارة من دونه فإشارته أولى بالاتباع.

قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: استشر في أمرك الذين يخشون الله؛ فإنَّ الله تعالى يقول: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ (٢٨)} [فاطر: ٢٨].

رواه الحاكم في "تاريخه"، والخطيب في "المتفق والمفترق" (٢).

ويرجع كلام عمر إلى أنَّ الأولى بأن يستشار أهل العلم العاملون لأنهم الذين يخشون الله تعالى؛ فإن الخشية تدعوهم إلى العمل، والعمل بالعلم ينتج النطق بالحكمة وإملاء الصواب، وهم الألباء أصحاب العقول السديدة والآراء الحميدة.

ولقد أحسن أبو الفتح البستي الكاتب الأديب في قوله: [من الوافر]

خَصائِصُ مَنْ تُشاوِرُهُ ثَلاثٌ ... فَخُذْ مِنْها جَمِيْعاً بِالْوَثيْقَةْ

وِدادٌ خالِصٌ وَوُفُورُ عَقْلٍ ... وَمَعْرِفَةٌ بِحالِكَ فِيْ الْحَقِيْقَةْ


(١) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٤/ ٩٥).
(٢) ورواه ابن المبارك في "الزهد" (١/ ٤٩١)، وابن أبي الدنيا في "الإخوان" (ص: ٩٨)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٩٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>